31 - 10 - 2024

ما لم يقله إبراهيم حجازي!

ما لم يقله إبراهيم حجازي!

( كلميني يا بنت لما توصلي تبوك) 

حاضر يا أستاذ إبراهيم

مع السلامة...

كانت هذه آخر جملة قالها لي الأستاذ قبل سفري بيومين في شهر أكتوبر الماضي! 

سافرتُ وانشغلتُ ولم اتصلْ به! 

سافرتُ وأنا أحملُ في قلبي صورة غالية لقيمة كبيرة وقلب طيب نبيل شجعني كثيرًا! حتى استيقظت صباح أمس على خبر وفاته!

شريط من الذكريات مر سريعا وأنا أخبيء دموعي كي لا يراني وكأنه أمامي الآن! 

(إبراهيم حجازي)الإعلامي المشهور ومقدم برنامج في دائرة الضوء على قناة النهار والتلفزيون المصري ورئيس تحرير الأهرام الرياضي وعضو مجلس الشيوخ وأحد أبطال حرب أكتوبر،وصاحب الصفحة المعروفة يوم الجمعة "في دائرة الضوء" الذي يختم مقاله بجملة إن" كان في العمر بقية"! 

هذا ما يعرفه معظم الناس عنه،لكن الأهم في هذا كله أنه الإنسان المعطاء الكريم النبيل الذي يتحدث  دائما عن مصر ومعركتها بكل فخر وإباء؛والذي قدم خيرًا وأسدى معروفا لمن عرفهم ومن لم يعرفهم وهذا ما لم يقله وما لا يعرفه إلا  بعض المقربين منه! 

عندما ذهبت إلى مطار القاهرة كي أسافر لأول مرة كانت المفاجأة بإلغاء سفري بسبب ورقة تتطلب استثناء وزاريا للمرافق! 

كلمت ا. ابراهيم بخجل،فكان رده (انتظريني نص ساعة يا سحر )وبعد دقائق طلب مني  في السابعة مساء التوجه إلى عنوان بمدينة نصر قائلا "اللواء فلان منتظرك اذهبي بسرعة". وبالفعل حلت المشكلة التي أجزم كل من عرفها بصعوبة حلها! 

-اتصلت به وأنا في السعودية وكنت أمر بوعكة صحية في الرياض وأخبرته بأنني سأكمل علاجي في مصر وبصوت الأب قال:هات بيانات الرحلة بسرعة! 

وبعد نزولي من الطائرة وجدت من ينتظرني! 

-وبعد أعوام انتهت تأشيرتي في مصر لظروف صحية أيضا،وما أدراكم ما انتهاء التأشيرة لاسيما أن الإقامة أوشكت على الانتهاء أيضا فكلمته وفي دقائق وجدتُ أحد المسؤولين يتواصل معي! 

-قبل ١٠ أعوام كنت في القاهرة فاتصل بي قائلا ( انت فين يا بنت) قلت:بالمهندسين قال (تعالي الشركة بمدينة نصر علشان بنرتب للبرنامج الجديد) وقبل أن أنطق بكلمة قال: (استني لتكوني م الصعايدة اللي بيتوهوا ف القاهرة هابعتلك السواق بتاعي )! 

قدمني إلى الأستاذ سمير يوسف زوج المذيعة منى الشاذلي؛وكان من ملاك القناة ومنتج البرنامج (قائلا دي بنت شاطرة ودكتورة كمان دماغها نظيف وفاهمة الشغل بس عايزة تسيبنا وتسافر وضحك)! وبعد انتهاء الاجتماع قال:( هترجعي الصعيد ازاي يا سحر انت وزميلتك) قلت:الآن لا مفر من موقف المنيب فأصر على الذهاب معنا بنفسه بسيارته وسائقه! 

عندما يتصل بي ويجد صوتي متعبا يداعبني قائلا (يا بنت مالك انت محسودة ولا ايه من عملية للتانية)! 

في اتصالي الأخير به كلمته ساعة وأنا أحكي  مواقفي ومغامراتي في الحصول على اللقاح  في القاهرة وهو يضحك قائلا (الصعايدة بيتريقوا علينا وصلت لكدا)! 

كنت أعرف أن قلبه متعب وأنه أجرى عملية "قلب مفتوح "منذ سنوات وكنت أتصل به فيطلب مني الدعاء وأن يردد ورائي بعض آيات القرآن الكريم!

وقبل ذهابي إلى المطار ذهبت إلى الاستديو وسلمتُ عليه فأعطاني "٥٠ ج ذكرى وكتب عليها اسمه" فقلت الصعايدة بياخدوا دولارات بس حضرتك فضحك كثيرا! 

لعلك من سيقرأ هذه الكلمات سيظن أن حجازي فعل معي كل هذا بحكم مشاركتي معه في البرنامج ومعرفتي به! 

لكن ما لا يعرفه الملايين أن الأستاذ ابراهيم صنع خيرا كثيرا وراء الكاميرا ولم يفصح عنه

كان بطلًا  وراء حكايات وحكايات لا يعلن عن نفسه أبدا؛وما أعلمه أنا أقل بكثير مما فعله! 

يكفي أن أخبرك -كما سمعت-أنه صاحب حملة "اتبرع باللي تقدر عليه اتبرع ولو بجنيه"  لصالح "مستشفى سرطان الأطفال "وجمعت الحملة في يومها الأول ١٦ مليون ج

جمعيات خيرية استعانت به

شباب يقابلونه في الشارع يطلبون وظائف فكان يستجيب 

شخصيات مختلفة ف الصحافة والإعلام وووو استفادت من ابراهيم حجازي! 

منذ 10 سنوات تقريبًا في مرة  قابله شاب يريد عملًا  فسأله الأستاذ عن مهاراته ومؤهلاته فأجاب ! فقام الأستاذ إبراهيم بمساعدته، وهذا الشاب الآن هو أحد النجوم اللامعة في الصحافة

ينشر صوره مع  كبار المسؤولين في الوطن العربي،ويقدم في البرامج على أنه الخبير والباحث ووو ! وليست هذه المشكلة لكنه اتخذ لنفسه مكانا قصيا حتى نسي صاحب الفضل نفسه! 

أتذكر أستاذ إبراهيم وهو يقول ( معلش احنا بنعمل الخير مش ليه) 

عشرات من المواقف التي لا أستطيع رسمها لك الآن عن هذا القلب الطيب النبيل الإنسان الخير الكريم المنحاز الى الصعيد ويقدره ويقول جملته المعروفة( دول أرض مصر الطيبة)

أشهد أنني عندما كنت أحدثه عن مبدع لم ينل حقه؛فورا يأخذ قرارًا باستضافته قائلًا جملته وكأنه يخاطب إحدى بناته( اسمعي يا بنت اتصلي بيه ورتبي معاه) 

"طيب يا استاذ إبراهيم عايزة استغلك قبل ما تقفل  لأني عارفة انك مشغول واحد قريبي ف التجنيد وقبل ان اكمل هات البيانات وهاكلم لك مكتب الوزير".. 

صحفيون، شباب في الشارع، أشخاص لديهم حاجة يبحثون عن بسمة أمل وحياة يتصلون به فيساعد ويعطي وينسى أنه قدم خيرًا أو صنع شيئًا

من لا يعرف حجازي عن قرب قد يظن أن عصبيته السريعة -أحيانًا- تخفي قلبًا قاسيًا مثل بعض البشر؛لكن من يعرفه عن قرب سيدرك أنه أقرب إلى الأطفال حتى وإن اختلفت معه! 

كان لي ألا أسرد مواقفه معي لكني لا أنسى الفضل لأساتذتي في كل وقت وحين وهذا ليس تفضلًا مني لكنه حق لهم!

سامحني يا أستاذ إبراهيم وأنت في دار الحق على   أنني لم أف بوعدي ولم أتصل بك بعد عودتي إلى السعودية؛وفي الإجازة أنشغل عن كلامك

 ( جاية امتى يا بنت ابقى تعالي اطمن عليك) 

سلاما إلى روحك الطيبة المتواضعة الكريمة! 

سلاما إليك ورحمة من الله عليك!
--------------------------
بقلم: د. سحر محمود عيسى

مقالات اخرى للكاتب

ما لم يقله إبراهيم حجازي!